أنا مسلم.. إذن أنا حر


كم هو جميل أن يتفاعل القراء مع ما ننشره استيعابا ونقدا، والأجمل هو أن نشارك قراءنا الكرام هذا التفاعل، لذلك آثرت أن تكون كلمة عابرة لهذا العدد على لسان القارئ الكريم أخي محمد الناصري من هولندا، تعليقا على ما كتبته عن الحرية المسؤولة في الأعداد السابقة  -محمد البنعيادي-.

جميل ماتكتبه عن الحرية، ولا يكتب عن الحرية إلا حر حتى ولو كان في قبضة السجان.

الناس فرق ثلاثة : فرقة مغضوب عليها، وفرقة ضالة، وفرقة مستقيمة.

ولكل فرقة قلم يعبر عن آرائها وتوجهاتها الفكرية ويؤرخ لماضيها ويثبت حاضرها ويرسم مستقبلها. ولقد ابتلينا بمن يكتب مالا يفقهه، ولا يفقه مايكتبه، يشبه إلى حد بعيد ذلك الناسخ الذي حكى عنه الإمام القرافي في أحد كتبه وهو “أن بعض الفضلاء بعث بناسخ إلى صديق له ومعه رقعة مكتوب فيها: قد بعثت إليك بناسخ وأعرفك بصفته: إنه إنْ نَسَخ مَسَخ، وإنْ نَقَط غَلَط، وإنْ أَشْكَل أَشْكلَ، ولقد أمليته زيدا، فسمع عَمْروا، وكتب خالدا، وقرأ عبد الله.” مثل هذا الناسخ لا يخلو منه عصر، يملي عليه قلبه ظلاما، ويكتب ظلمة، على أوراق مظلمة، ظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج قلمه لم يكد يراه.. ومع ذلك فهم أحرار وإن كانوا أشرارا.

فالله سبحانه وتعالى أعطى للناس الحرية وهو خالقهم، وترك لهم الاختيار وهو ملكهم، وأخبرهم أنه محاسبهم وهو مالكهم.ولهذا يعلمنا الله عز وجل في كتابه الكريم كيف نتحاور بحرية، وكيف نعبر عما يجول في خاطرنا بدون خوف من عصا أو من حاملها.. وانظر -حفظك الله  ورعاك- إلى قوله عز وجل : {وَإِذْ قَالَ رَبّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدّسُ لَكَ قَالَ إِنّيَ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}. أفلا نخجل من أنفسنا ـ وقد خلقنا مما نعلم ـ  ونحن نمارس القمع فيما بيننا؟ والله تعالى جلت قدرته يسمح للملائكة أن تعبر عن رأيها. واقرأ معي   ـ حفظك الله  ورعاك ـ  هذه الآية من سورة السجدة، واسمع إلى الله تعالى وهو يحاور خلقا من خلقه : {قُلْ أَإِنّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالّذِي خَلَقَ الأرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبّ الْعَالَمِينَ .  وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيَ أَرْبَعَةِ أَيّامٍ سَوَآءً لّلسّآئِلِينَ .  ثُمّ اسْتَوَىَ إِلَى السّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ .  فَقَضَاهُنّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىَ فِي كُلّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيّنّا السّمَآءَ الدّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}  أبعد هذا الكلام كلام؟ سبحان الذي خلق من لاشيء شيئا وأعطاه الحرية الكاملة التي هي كل شيء.

والسلام عليك أخي الفاضل ورحمة الله

> أخوك محمد الناصري

هولندا

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>