تأملات في قصائد الشاعر والناقد محمد علي الرباوي


على هامش سريالي لقراءة متعثرة لسبع قصائد معلقة للشاعر الكبير “محمد علي الرباوي” يتسع النهر ويضيق البحر ويعرق المحيط، تتأرجح الكلمات ولاتكاد طابعة القارئ أن ترسم شيئا لضياع بعض الأحرف الهلامية في سيا ق الصورة الشعرية، ممتدة بين الرباط ووجدة (1973،1974،1975) الرباط رباط الادارات ووجدة الهامش ومجرد نقطة عبور.

تقرأ القصائد وكأنك تسأل الشاعر أن يزن لك معانيه بالكيلوغرام، إنها معادلة يعطرها الغموض والألم الممتع.

هكذا وأنا أقرأ الرباوي سنة 2003 أو قاب قوسين، مخلوق من خلال السحر الذي سطره منذ 1973، أزعم أنه لم استأذنت لما أذن لي، كسرت الباب ودخلت، مغامرة لابد منها، إنها الحياة، فإذا السماء ليست بالسماء المعروفة وإذا الأرض لاتكاد تحملني، لعله الفلين، وشجر غرس في السحاب تتدلى أغصانه نحوي، وأنا على الأرض ألقيت ميزاني جانبا، الكأس معتقة، لكني أصدقك الخبر ياحبيبي “محمد” أني لم أستطع الزجاجة الثامنة.

تذكرت مقطعا لأحمد المديني (ص 69 من سفر الانشاء والتدمير) : ” أي عار يكفل لي أن اصطدم بنفس وأصنع في داخلي حلبات لاستدعاء الجموع المكبوتة لتتصارع في الخواء”.

لكني وجدت لنفسي عزاءا في ماقدم به الرباوي لديوان أطباق جهنم ص 6 ”  نقول إن الشعر النابع من الذات يصل إلى وجدان القارئ بيسر بينما الشعر الموضوعي ( ومنه الشعر الدرامي). خاصة في  عصرنا الحاضر يجد صعوبة في اختراق وجدان المتلقي ”

لكني أظن أن الصورة معكوسة، لأن الكثافة ليست في وجدان القارئ الذي صعب على الشعر اختراقه، ولكن الكثافة في هذا الشعر. ففي وجودية تكاد تكون مطبقة يكسر الشاعر منقاره على صفحة المرآة الصافية، يريد اختراقها لكونها شديدة الصلابة عبوسة ملساء.

” بين اللسع الصامت

واللمس الهائج

أقف اليوم حصانا مقطوع الذيل

الأقدام

أحمل فوق الظهر الأفعى والعصفور

أتأكد أن الطين على جسدي

قبعة بيضاء”

نعم قرأت ذلك في قصيدته ” بين الرغبة وأجراس الرهبة” أسعفني القلم وأنا أنظر إلى الشاعر وقد قام من نومه فزعا فصدم الباب، سقط، يتحسس بيديه ماحوله، إن الفانوس قد انطفأ، ولعل مرارة تدفق الشعر لها نكهة عجرية مستلبة، غزارة الألم تبتلع الشاعر كلية فيعيش في جغرافية جلده الأسمر وسحر عينيه فيرى في لهفة  العاشق المستدرك.

لكن

يمتد الحائط بين العبد

وبين المعبود

(قصيدة الموال ص 23)

حبيبي محمد، لو كنت أسمع الصمت بجلبته إلى الداكنة لما استطعت أن أضع ديوانك في حجرتي، يالها من رحمة عارمة “الصمت لايسمع” ، لقد ساهمت مشكورا في دفنه فإن بياض الثلج أثقل من سواد الدجى.

” الثلج يغلق صوتي

ظلي يتكاثف في الطرقات

أدغال العالم تتوالد في ذاتي

آه… ترفضني حتى ذاتي

هكذا صاحبني الرباوي خلال الزمن، معلق -وأنا معه- بين بعدين، انه يتكثف ليملأ الفسحة ثم يتلاشى نحو ”  هو”

وإليك مستخلصات القصائد السبع :

- فــــــي  القصيدة الأولـــــــى ” حينما كنت تحمــل أطباق جهنم”

الشـــــــــاعر بين الحمإ المسنون ==> والإنسان

دخول الجنون على الخط

- في القصيدة الثانية ” حينما تتأنث الأحلام”

الشاعر بين الأنثى —-> وشاعر مشتعل

دخول الحلم علىالخط

- القصيدة الثالثة “رقصة جهنم”

الشاعر بين المقهى —-> والموت المعسول

دخول الصمت على الخط

- القصيدة الرابعة ” حديث الزجاج”

الشاعر بين الوجود ==> وجهنم

دخول الصلوات على الخط

- القصيدة الخامسة ”  النهر ”

الشاعر بين النهر —–> والشمس

دخول السؤال الوجودي على الخط

- القصيدة السادسة ” بين الرغبة وأجراس الرهبة”

الشاعر بين نيران جهنم —> ونسمات الجنة

دخول الضمأ على الخط

- القصيدة السابعة ”  الموال ”

الشاعر بين الحب —-> والراس

دخول الموت على الخط

 ذ. سعيدي أحمد

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>