افتتاحية – وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم


 

إن الأمة الإسلامية تضع يدها على صدرها في هذا الظرف الدّقيق نظراً  للكوارث والبلايا التي تحيط بها من كل جانب، فالعدو من أمامها ومن خلفها ومن فوقها وتحتها، والخيانة تنخر كيانها، والتفرقة تشتت شملها، والحرص على الدنيا يكبِّلُ طاقتها، والزهد في الآخرة يُجبّنها ويُبخِّلها ويُهينها ويذلها.

 

ومع هذه الكوارث نرجو أن تكون كوارث ابتلاء وامتحان لا كوارث مَحْقٍ ومَحْوٍ من التاريخ خصوصاً وأن :

 

1- العدو المحيط بها، والمكشِّر عن أنيابه لافتراسها مهزوم هزيمة كبرى من الداخل بسبب انعدام الشرعية الدولية والإنسانية والقانونية في هذا الافتراس.

 

فإنه  مهما طغى وتجبر وتكبر ودمّر، فاللعنات من الأرض والسماء تلاحقه وتحاصره وتبصق في وجهه سراً وعلانية. وهذه وحدها إحدى جنود الله تعالى المدمِّرة للعدُو من الداخل، وعما قليل ستؤتي هذه اللعنات ثمارها بإذن الله تعالى : ثورة داخلية، وتسويد تاريخ، وكراهية مقيتة، ونفور من العدو كالفرار من المجذوم.

 

2- العراق الشقيق المعتدى عليه قد صمد صموداً لم يخطر على بال أحد، فلم يُفْتَن بالدعايات الكاذبة، ولم يَنْسق للمغريات القاتلة، ولم يجزع للتدميرات الماحقة.

 

وهل هناك أذل على أصالة هذا الشعب من أنه ترك خيام اللاجئين فارغة، فذلك وحده خنجَرٌ يذبح القلوب من الداخل، داخل الأعداء الذين كانوا يتوقعون أن يخرج الشعبُ كله لملء خيامهم، فإذا به يستهزئ بها ويقول لهم: بيت من القصب في الجنة خير من خيامكم، بل من قصوركم ولو كانت من ذهب تراب الأرض ولؤلئها.

 

3- أن العرب بدأوا يشعرون بشيء من المسؤولية اتجاه شعوبهم الثائرة، فقد بدأوا يتململون تململا إيجابياً نسأل الله تعالى أن يبارك فيه، ويجمع به الشمل بين القاعدة والقمة، وبين النخب السياسية للأمة وبين قواعدها، حتى تتظافر الجهود لتوحيد الأمة على النهوض برسالتها الكبرى. وبذلك نقول : آمنا بربنا الذي يقول لنا {وعسَى أن تَكْرهُوا شَيئاً وهو خَيْرٌ لكُم}.

 

 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>