خطب منبرية : صرخة الأقصى.. من يسمعها؟


الحمد لله الذي جعل الجهاد فرضا من فروض الإسلام تسترد به حقوق المستضعفين، وتقصم به ظهور الطغاة الظالمين، أحمدك اللهم حمد عبادك المجاهدين، وأشكرك شكر أوليائك المرابطين وأشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له، القوي المعين، وصفت عبادك الصالحين في كتابك الكريم فقلت وقولك الحق : {أذلة على المومنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم} سبحانك أنت الله القوي الجبار، العزيز المنتقم القهار، تنصر من تشاء وتخذل من تشاء، {وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم} وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، أمينه على وحيه وخليله، القائل >لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها<، والقائل >ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه< اللهم صل وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المجاهدين الفاتحين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

معشر المسلمين

لقد تعددت مصائب المسلمين في هذا الزمان وتنوعت مآسيهم ولا يكادون يخرجون من واحدة حتى يداهمهم غيرها، وتبقى أعظم مصيبة وأكبر مأساة يعانيها المسلمون اليوم بعد سقوط الخلافة الاسلامية، هي ضياع فلسطين والقدس الشريف.

إن أرض فلسطين أرض قدسها الله تعالى >يا قوم ادخلوا< وباركها جل وعلا >ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين} وأما القدس الشريف فلها في الإسلام أيضا مكانة عالية جدا، فيكفيها شرفا -وهي مما قدسه الله وبارك فيه -أنها تضم المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين بين أسوارها. ذلك المسجد الذي هو ثالث ثلاثة مساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها كما جاء عن سيدنا رسول الله  ذلك المسجد الذي هو مسرى نبينا محمد  بنص القرآن الكريم.

معشر المسلمين

هذه فلسطين المباركة والقدس الشريف فتحها عمر  الفاروق عام 15هـ وعاشت الأرض وساكنوها أسعد أيامهم حتى هجم الصليبيون عليها في بداية القرن الخامس الهجري، فقتلوا خيرة من فيها، حتى إنهم قتلوا في يوم واحد وداخل المسجد الأقصى أزيد من 70 ألف رجل من العباد والزهاد والعلماء والأئمة والمجاورين. وبعد أكثر من 90 عاما جاء صلاح الدين الأيوبي وبدأ ببناء معاهد العلم وتحريك العلماء، وما هو إلا زمن يسير حتى أعلن الجهاد من أجل القدس والمسجد الأقصى فتم له النصر، ثم احتلها الصليبيون مرة أخرى وحولوا أزقتها إلى وديان تجرى فيها الدماء، وجعلوا من رؤوس أهلها تلالا وجبالا، ولما عاد المسلمون إلى الله عادت لهم القدس ثانية، واليوم ها هي ذي فلسطين وها هو ذا المسجد الأقصى أسير يستغيث واإسلاماه ولا من يجيب.

عباد الله

منذ أن احتل الصهاينة أحفاد القردة والخنازير أرض فلسطين المباركة وهم يعملون جاهدين على تقتيل أصحابها المسلمين بشكلوحشي وبكيفية همجية لم يسبق لها مثيل. إن بني صهيون المجرمين وحوش الإنسانية وخنازير البشرية ما فتئوا يذبحون أهلنا وإخواننا وأبناءنا في فلسطين، وكيف لا وهم قتلة الأنبياء والمرسلين، وهم الذين أرادوا قتل نبينا محمد  وهم الذين قالوا {ليس علينا في الأميين من سبيل} وهم يتقربون إلى الله حسب زعمهم بدماء الأطفال والنساء والعجزة، هؤلاء الإرهابيون بدأوا في تنفيذ جرائمهم الوحشية البشعة منذ أن أدخلتهم بريطانيا إلى أرضنا في فلسطين.

فقد قتلوا الآلاف من السكان في مذابح مروعة، نفذ أغلبها ليلا دون تفريق بين رجل وامرأة، ولا بين صغير وكبير ويكفي أن ،نذكر مثالا واحدا يدل على همجية اليهود ووحشيتهم. ففي 18 من شتنبر عام 1982 دخل اليهود المجرمون مخيم صبرا وشاتيلا ليلا وقتلوا ما يربو على 3500 فلسطيني بالسكاكين والفؤوس والمسدسات كاتمة الصوت تحت قيادة الإرهابي المجرم شارون، ثم هجموا على المستشفيات وقتلوا من فيها، وحفروا القبور ودفنوا الناس فيها أحياء وأمواتا، هؤلاء هم اليهود لمن لا يعرفهم، هؤلاء هم اليهود الذين نحرص على صداقتهم. في عام 90 دخلوا المسجد الأقصى وقتلوا 21 من المصلين الركع السجد داخل المسجد بالرصاص. وفي عام 1994 دخل أحدهم مسجد سيدنا إبراهيم بمدينة الخليل والناس في صلاة الصبح وهم صائمون لأن الشهر كان رمضان فاختبأ وراء سارية حتى إذا سجدوا أطلق عليهم الرصاص فاستشهد منهم 29 بينما اعترض الجيش الصهيوني الهاربين وقتل منهم 21. إنهم اليهود الذين نفاوضهم ونسالمهم ونهادنهم بل منا من يركع ويسجد لهم، في عام 1996 قتل الإرهابيون السفاحون 160 من اللاجئين في قنا بالصواريخ، وفي نفس العام قتلوا 70 شهيدا كانوا يدافعون عن المسجد الأقصى من الحفريات والأنفاق التي قد تؤدي إلى هدمه، بل إنهم طردوا حوالي 3 ملايين فلسطيني خارج فلسطين. واليوم ها هم اليهودأعداؤنا وأصدقاء بعض بني جلدتنا يشنون حربا ضروسا في أرض فلسطين بالصواريخ والطائرات والدبابات.. ضد شباب أعزل إلا من الإيمان بالله وحجارة في يده.. شباب يعشق الشهادة في سبيل المسجد الأقصى وأرض فلسطين.. شباب ينادي : أين أنتم يا مسلمون؟ وأين واجب النصرة لأولى القبلتين وثالث الحرمين؟..

أيها الناس : إن اليهود قتلوا الأنفس وهتكوا الأعراض واغتصبوا الأرض، ودنسوا الأقصى المبارك، فلا يجوز السكوت، يجب أن يرد الصاع صاعين فإنه لا يفل الحديد إلا الحديد. رحمك الله يا صلاح الدين، لم يكن يبتسم فقيل له : ألا تبتسم؟ قال : إني لأستحي من الله أن أبتسم والمسجد الأقصى أسير، ورحمك الله يا معتصم الذي جهز جيشا كاملا من أجل امرأة مسلمة حبسها الروم، فأين من يرفع شعار الجهاد، أين من يريد وسام الشهادة، دفاعا عن الأقصى وأهل فلسطين؟ أين من يسمع قول الله جل وعلا {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله} فيقول لبيك اللهم لبيك، حقوق الشعوب لا تعطى وإنما تسترد خصوصا مع اليهود الخبثاء.

عباد الله

إن ما يجرى الآن في المسجد الأقصى هو وصمة عار في جبين هذه الأمة اللاعبة اللاهية، التي تركت الجهاد، وفرطت في رابطة الإسلام وأخوة الإيمان، وتركت أهل فلسطين يواجهون أخبث خلق الله من بني صهيون، فأين من تتحرك فيه نخوة الاسلام ليقول لا للخوف، ولا لطغيان الصهاينة والأمريكان، ونعم لنصرة أهل فلسطين، ونعم لفك أسرى المسجد الأقصى المغتصب، {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز}.

معشر المسلمين

إن الجرح كبير، فاليهود فعلوا ما لم يفعله أحد على وجه الأرض، فالمساجد مثلا تحكي قصصا مرعبة ومروعة، فالمسجد الأحمر بمدينة صفد حوله اليهود إلى مرقص وناد ليلي للزنى والقمار، ومسجد اليونسي حولوه إلى مكان لتصوير الأفلام، ومسجد الغار ومسجد حارة الجورة حولوهما إلى كنيس يهودي، وأما مسجد قرية عين الزيتون فحولوه إلى حظيرة الأبقار، ومسجد البرج حولوه سكناً للطلبة، ومسجد البحر حولوه إلى متحف، ومسجد حطين هو الآخر حول إلى حظيرة للأبقار، أما في مدينة يافا فقد حولوا مسجد السكسك إلى ناد لليهود البلغار وكلابهم يرتكبون فيه الفاحشة، أما مسجد مجدل عسقلان فقد حولوه إلى مطعم وقاعة للندوات والاحتفالات، أما مسجد قرية المالحة فقد حوله اليهود إلى مزبلة الحي، أما مسجد دير ياسين فقد حولوه إلى مستشفى للمجانين، وأما مسجد داوود فقد حولوه كنيساً لهم، وأما المسجد الأقصى فقد حاولوا إحراقه أكثر من مرة، وحفروا تحته الأنفاق تلو الأنفاق من أجل هدمه وإزالته. وحكايات المساجد في فلسطين لا تكاد تنتهي!!! فهل نحن مسلمون؟

أيها الناس : هذه فلسطين وهذه مساجدها وهؤلاء هم اليهود، لكن أين المسلمون؟ إننا نعيش موتا حقيقيا، مساجدنا تحول إلى مزابل ومتاحف ومطاعم وكنائس ونحن لا نبالي، ما هذا بإسلام.

إن الواجب أن تتحرك أمة المليار ونصف مليار إلى فلسطين ومنها إلى كشمير والشيشان وغيرها من بلاد الإسلام.

يجب أن نسخر إعلامنا لهذا. أليس من العار مثلا أن يقوم التلفزيون المغربي -وغيره من فضائيات المسلمين- بنقل ألعاب سيدني بالمباشر في الصباح ثم إعادة في المساء والمسلمون يقتلون؟!

إن المسجد الأقصى في حاجة إلى الرجال الأقوياء الأتقياء، رهبان الليل فرسان النهار، إن فلسطين في حاجة إلى كل درهم من أموالكم. هذه الأموال التي اشترى بها الكثيرون سجائر أمريكا ومشروبات أمريكا لتعطيها أمريكا هدية لإسرائيل تقتل بها أهلنا وذوينا.

أيها المسلمون : إن الواجب الاسلامي يحتم علينا اليوم أن ندعم إخواننا المجاهدين في فلسطين بكل ما نستطيع من مال ورجال وسلاح ودعاء وغير ذلك. وإن خذلان الجهاد في فلسطين هو خيانة لله ورسوله. فإن لم تجدوا فعلى الأقل قاطعوا كل البضائعا لأمريكية، لأن أمريكا هي أم إسرائيل، ثم إياكم أن تقبلوا بما يسمى بالتطبيع مع هذا العدو الظالم بحال، ولا تنسوا قول الله تعالى {لتجدن أشد الناس عداودة للذين آمنوا، اليهود والذين أشركوا}وربوا أبناءكم وأحفادكم على أن الأقصى لنا وأن اليهود أعداؤنا مهما قيل عنهم، فهم قتلة مجرمون سفاكون سفاحون، وأيضا يجب أن تكونوا على استعداد تام للجهاد والاستشهاد دفاعا عن أولى القبلتين متى فتح الباب لذلك، فلابد أن يفتح يوما إن شاء الله طال الزمان أم قصر. وقبل ذلك لا تتركوا الدعاء لإخوانكم في الصلاة وخارجها بالنصر والتمكين. وإنني من على هذا المنبر أناشد المسؤولين طرد الصهاينة من أرضنا وإغلاق ما يسمى بمكتب الاتصال الصهيوني في الرباط فورا غضبة منهم لله ورسوله يجدونها في ميزان حسناتهم يوم القيامة.

أيها المسلمون : اعلموا جيدا أن حكام إسرائيل إنما هم عصابة إجرامية إرهابية من قطاع الطرق، ولا فرق فيهم بين حزب العمل  أو الليكود، كلهم من طينة واحدة، وأنتم تعلمون أن الإرهابي رابين هو مهندس سياسة تكسير عظام المجاهدين، وأن بيريز المجرم هو صاحب مجزرة قانا، وأن الإرهابي باراك هو القائم على المجزرة الحالية، هذا حال سادة الحزب اليهودي الذي يصفق له العالم.

عباد الله

إن دم إخواننا يسيل على يد عصابة صهيونية وإن الوقت قد حان للسير في طريق العزة والكرامة، طريق التضحية بالغالي والنفيس، طريق الجهاد والاستشهاد، ولقد مضى عهد الذل، وولى ليل الهوان، وقسما بالله لن نخذلك يا أقصانا لن نخذلك يا أولى القبلتين لن نخذلك يا فلسطين، لن نخذلكم يا أهل فلسطين..

وأما أنتم أيها اليهود الصهاينة، أيها اللقطاء يا أحفاد القردة والخنازير… لقد عاد فينا صلاح الدين بإذن الله، وإنا لكم لبالمرصاد، فإنا لأحرص على الموت منكم على الحياة {ولتعلمن نبأه بعد حين..}.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>