(قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر)


الخطة الحكومية لمحاربة الدعوة الإسلامية في مصر 1/2

تعودت الحكومات المصرية منذ الاستعمار الانجليزي والعهد الملكي مرورا بحكومات الثورة والانفتاح إلى يومنا هذا على محاربة الدعوة الإسلامية بمختلف الطرق المبنية على خطط محكمة يتولى صياغتها لجن مكونة من قيادات عسكرية وأمنية واستخباراتية ومثقفين ووزراء، وأحيانا بمساعدة مخابرات أجنبية، ويتولى رئيس البلاد بنفسه متابعة ومحاسبة اللجنة والمصادقة على أعمالها.

والخطة التي نعرضها للقراء الكرام، مازالت مضامينها وعناصرها تطبق إلى هذا الوقت مع أنها من نتاج عصر الثورة وعصر الانفتاح.

تقرير مرفوع للسادات لمكافحة التيار الديني في مصر

مكتب الرئيس

الأمن القومي

السيد رئيس الجمهورية…

بالإشارة إلى تعليمات سيادتكم بخصوص تكوين ((لجنة مكافحة التطرف الإسلامي)) لدراسة ومتابعة موضوع تحركات المنظمات والجمعيات والاتحادات الإسلامية وتقديم اقتراحات لمكافحة تسييس الدين، أو تديين السياسة نرفع لسيادتكم التقرير النهائي المرفق ونرجو أن يحظى برضاء سيادتكم وموافقتكم على الإجراءات المقترحة حتى نبدأ في تنفيذها.

وقد عرض التقرير النهائي حسب تعليمات سيادتكم على مساعد الرئيس بيجن وعلى خبير الشؤون الإسلامية بالسفارة الأمريكية، وقد اقترحا التعديلات المبينة بالتقرير.

وتجدوننا يا سيادة الرئيس رهن إشارتكم لحماية البلاد ومكاسب السلام الذي حققتموه لنا بعد طول انتظار.

وتفضلوا سيادتكم بقبول أسمى آيات الولاء والإخلاص.

التوقيع

حسن التهامي

موضوع التقرير : مكافحة تسييس الدين أو تديين السياسة

مقدمة :

حسب تعليمات سيادتكم، ضمن أقسام مكافحة جماعة الإخوان المسلمين المنحلة في مباحث أمن الدولة والمخابرات الحربية والمخابرات العامة ((الأمن القومي))، كونت لجنة واحدة جديدة مختصة بهذا الموضوع مع توسعة صلاحياتها ومسؤولياتها، وسميت اللجنة على حسب التعليمات ((لجنة مكافحة تسييس الدين أو تديين السياسة)).

أعضاء اللجنة :

السيد حسن التهامي رئيسا.

السيد فكري مكرم عبيد -نائبا للرئيس.

السيد وزير الداخلية.

السيد رئيس المخابرات العامة والأمن القومي.

السيد رئيس مباحث أمن الدولة.

السيد رئيس المخابرات الحربية.

- شخصيات استعانت اللجنة بآرائهم وخبراتهم :

1- السيد خبير المتابعة بالمباحث (كانت مهمته في السابق تجميع وتحليل الأخبار والآراء في أوساط الإخوان المسلمين بالمدارس والجامعات وفي السجون والمعتقلات).

2- السيد نائب غبطة البابا المسؤول عن التنسيق مع الجمعيات الإسلامية.

3- خبير الشؤون الإسلامية بالسفارة الأمريكية وهو المندوب المقيم في مصر للهيئة المسماة : لجنة مكافحة التطرف الإسلامي لوكالة الأمن القومي الأميريكية.

4- مساعد الرئيس بيجن للشؤون الإسلامية.

حساسيات :

تسجل اللجنة الصعوبات التي قابلتها من تحرج وحساسيات بعض الشخصيات التي طلبتم منا الاستعانة بها ومشاركتها مثل نائب غبطة البابا والخبير الأمريكي ومساعد الرئيس بيجن، حيث أنه رغم توضيحاتنا لهم أن اللجنة هيئة علمية وموضوعية بحتة، تبحث الموضوع من الناحية العلمية، ولا دخل لها بحساسيات دينية أو محلية، وأننا بحاجة إلى خبرتهم في هذا الموضوع للوصول إلى الهدف في أقصر مدة ممكنة إلا أنهم أصروا ألا تذكر آراؤهم أو أسماؤهم في التقارير لتأكدهم من انتشار المتعاطفين مع المتطرفين الدينيين في الإدارة الذين نقترح تصفيتهم لأنه عن طريقهم تتسرب المعلومات.

تعميق مراجع الموضوع تاريخيا :

1- تقرير الإدارة البريطانية السابقة في العهد الملكي البائد.

2- تقارير البوليس السياسي في عهد الرئيس النقراشي والرئيس عبد الهادي.

3- تقارير الحكومة الوفدية.

4- تقارير المباحث العامة حتى سنة 1957م.

5- تقارير السفارة الروسية من سنة 1957 إلى 1970م.

6- تقرير اللجنة المؤلفة برئاسة رئيس الوزراء سنة 1965م.

حقيقة هامة :

التقرير الأخير رقم 6 وهو تقرير سنة 1965 بخصوص جماعة الإخوان المسلمين المنحلة اعتبر المحور الأصلي الذي دارت حوله المقترحات حسب الظروف الحاضرة حيث وجد أن التوقف عن متابعة تنفيذ هذا التقرير هو الذي أدى إلى استفحال المشكلة التي نحن بصدد علاجها الآن.

التقرير :

بعد دراسة واستعراض الوسائل التي استعملت والنتائج التي تم الوصول إليها بخصوص مكافحة الإخوان المسلمين في السابق ومتابعة الجمعيات الدينية مثل : أنصار السنة، عباد الرحمن، التبليغ، شباب محمد، الجمعية الشرعية، حزب التحرير، والجمعيات الإسلامية بالكليات الجامعية والمعاهد والمدارس، وأئمة المساجد المشهورين من ذوي الشعبية الملموسة، وجد أن كل التركيز يجب أن يكون على مكافحة الإخوان المسلمين حيث أنهم تحولوا من جماعة دينية إلى مدرسة فكرية أممية تتحرك بلا مركزية، وتضحي ببعض العناصر المكشوفة للظهور العلني، وتترك باقي الأفراد مهمتهم كلهم التحرك السري لنشر الأفكار وتوسعة رقعة الأتباع في المحيط المحلي والدولي. وقد رأت اللجنة أنه ليس من المستبعد أن أفكارهم وخططهم هي التي طبقت في الثورة الدينية في إيران بواسطة الخميني حيث أثبتت التحقيقات أن خطة الهضيبي سنة 1954 في محاولة القيام بثورة دينية أجهضتها السلطات المصرية هي في غالبيتها نفس الخطة التي طبقها أعوان الخميني، وهي بث الفتنة والتحريض الشعبي في مظاهرات دائمة تغذيها أبواق من خطباء أئمة المساجد ورجال الدين وتحرسها فئات مسلحة ومدربة.

وذلك سوف يثير البلبلة والتردد في صفوف رجال الشرطة والجيش والإعلام والسياسة الذين ستنتابهم حتمية إعادة النظر في المستقبل، هل سيكون للحكومة التي سيطيعونها، أم لمدبري الثورة التي ستحاكمهم وتنتقم منهم على مقاومتها إن نجحت.

بناء عليه، تحددت أهداف العمل المقترح في الآتي :

1- رصد أفراد جماعة الإخوان وأتباعهم.

2- غسل مخهم من أفكارهم.

3- منع عدوى أفكارهم من الانتقال لغيرهم.

ملخص المعلومات المتجمعة التي حددت الخطة لبلوغ الأهداف :

1- تبين أن تدريس التاريخ الإسلامي للنشء في المدارس بحالته الموجودة والتي تم تطويرها في الخمسة عشر سنة الماضية ما زال يربط الدين بالسياسة في لا شعور كثير من التلاميذ منذ الصغر، مما يؤدي إلى ظهور معتنقي الأفكار الإسلامية.

2- صعوبة بل استحالة التمييز بين أصحاب الميول والنزعات الدينية وخاصة في الأوساط المثقفة وبين معتنقي الأفكار الإخوانية، حيث بسهولة فجائية تتحول الفئة الأولى إلى الثانية بتطرف أكبر.

3- غالبية أفراد الإخوان، يعيشون على وهم الطهارة ولم يمارسوا الحياة الاجتماعية الحديثة ويمكن اعتبارهم من هذه الناحية خام.

4- غالبيتهم ذوو طاقة فكرية، وقوة تحمل ومثابرة على العمل وقد أدى ذلك إلى اضطراد دائم ملموس في تفوقهم في المجالات العلمية والعملية التي يعيشون بها، وفي مستواهم الفكري والاجتماعي والعلمي رغم أن جزءا غير بسيط من وقتهم موجه لنشاطهم الخاص في دعوتهم الخطيرة.

5- هناك انعكاسات ايجابية سريعة تظهر عند تحرك كل منهم لعملهم في المحيط الذي يقتنع به.

6- تداخلهم في بعض، ودوام اتصالاتهم الفردية ببعض وتزاورهم والتعارف بين بعضهم البعض يؤدي إلى ثقة كل منهم بالآخر ثقة كبيرة، ورغم أن جهدا كبيرا قد بذل بهز هذه الثقة خلال سنوات سجنهم بتحريض بعضهم على بعض، وإغراء البعض الآخر، ولكن النتائج المتحصلة ذابت مع مرور السنين في لقاءاتهم في الحرية مرة أخرى.

7- هناك توافق روحي وتقارب فكري وسلوكي يجمع بين كل منهم، وحتى ولو لم تكن هناك صلة بينهم.

8- رغم كل المحاولات التي بذلت منذ سنة 1936 لإفهام العامة والخاصة بأنهم يتسترون خلف الدين لبلوغ أهداف سياسية إلا أن احتكاكهم الفردي بالشعب يؤدي إلى محو هذه الفكرة عنهم في بعض الأوقات، وفي أوقات أخرى يؤدي لدى آخرين بالاقتناع بحتمية ربط الدين بالسياسة.

9- مشاركتهم في حروب العصابات في فلسطين عام 1948 والقنال سنة 1951 قد رتب أفكار الناس على أنهم أصحاب بطولات وطنية عالية وليست دعائية فقط، وأن الاهتمامات الإسرائيلية والعربية والشيوعية في المنطقة لا تخفي أغراضها في القضاء عليهم.

10- نفورهم من كل ما يناوئ فكرتهم، جعلهم لا يرتبطون بأية سياسة خارجية سواء عربية أو شيوعية أو غربية وهذا يوحي باستقلالية أفكارهم.

عن كتاب : الطريق إلى جماعة المسلمين، لمؤلفه : حسن بن محسن بن علي جابر

يتبع

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>